فكرٌ ضالٌّ
إنَّ مما يؤلم قلوبنا أن يتفشى بيننا فكرٌ ضال لا راد له، ولا مُصحح لما جاء به . وإن أتينا ببُناةِ هذا الفكر الدَّاعين إليه لا يخلقون حرفًا واضحًا ليثبتوا حجته، ويبرروا مقصده، فيُشجعوا المُسلِّم بهِ ، ويُردوا المُنكر له. ومن هذه الأفكار المُسلَّم بها : فاقدِ الشيء لا يُعطيه، واليد الواحدة لا تُصفق.
إنَّ من يدَّعي أنَّ فاقد الشيء لا يُمكن أن يُعطيه قد أخطأ فيما ادَّعى، وقد أذنب ذنبًا انسانيًا فيما اعتقد ودعى إليه. فالماثل أمامنا في هذه الحياة يُدلل المعنى المُغاير لهذه المسلمة في مجالاتٍ شتى في حياتنا، والمثالُ خير برهانٍ على ذلك. لا يخفى علينا أنَّ الكثير ممن حُرموا أصدق العواطف وأنقاها كانوا قادرين على وهبها من يحتاجها بسخاء، فاليتيم الذي ترعرع مُفتقرًا إلى حُبِّ ودفءِ والديه كان أكثر الآباء حنونًا وعَطوفًا على أطفاله. والمرأة التي أُحيلَ عنها نصيبها من التعليم كانت أكثر النِّساء حثًا على طلبه وتدارسه والوفاء بحقه. ومما لا ريب فيه على خطأ هذا الفكر المدسوس في ذواتنا أنَّ المحرومين من الحريةِ والأمان، والقاطنين في بلاد الحرب والزناد كإخواننا الفلسطينيين هم أكثر النَّاس دُعاة للسلام، والعمل على وُثُوبِهِ في البلاد! فما أسوأهُ من فكر! وما أقبحها من حُجةٍ يحتجُّ بها المُقَتِّرون! ولكي لا أبخسُ حقه، فأكتب عند الله من الظالمين أرى أن تطبيقها في عالم المادةِ يُصدِقُ المعنى، ويُبرهنُ المغزى. ففاقدِ المال الذي لا يملك ما تهبهُ يداه لا يمكن أن يعطيك، والسائل عن قوتِ يومه لا يُمكن أن يُطعمك. فخلاصة الأمر نجد أنَّ فاقد الشيء قد يُعطي ما فقده وهذا ما غلب في جانب الحاجات الرُّوحية، وقد يعجز أن يُعطي مافقده لاسيما إن كان شيئًا ماديًا كالمال مثلًا.
إنَّي أجد قائل: ( اليد الواحدة لا تُصفق) يائسٌ قد اغترب عن شُطآن الأمل والتفاؤل . فلا أجدُ لها صلةً بالعامل المتفائل الذي يذلل صعابه وصولاً إلى لذةِ الإنجاز! اليدُ الواحدةُ إن لم تكن تصفق فهي تحرك الهواء، وبهذا وذاك يصدر الصوت وإن كان في الثانية أَخفُّ من الأولى. عيبٌ أراه أن يعتقدُ الإنسان بها، فَتُأَنِّسهُ وتُشفي غليل كسله، فحجتهُ صحيحةٌ على حدِ علمه، قبيحة كحدِ جهله. اليدُ الواحدة إن لم تستطع حمل المكتبةِ بأسرها استطاعت أن تحمل كتابًا فآخر حتى قضيت حاجتها. نستهينُ بذواتنا مُنفردين، ونُعظمها مُجتمعين ! أي سرابٍ هذا الذي بُتنا نؤمن به ؟! أو ما علمنا أنَّ الله جعل للأمور موازين؟! فجعل للفردِ مقدار لا يقل لما للجماعة! فلا يخفى على كل أريب أنَّ اليد الواحدة خيرٌ من لا شيء، هي نفعٌ وحجةٌ وبرهانٌ لبدء العمل. فالأرض القاحلة خيرٌ لها يد واحدة تزرع من لا يد تُبقيها تُكابد الحياة! بإمكانك أن تمسك كتابًا فتقرأ فتنفع نفسك وتزهر بك أمتك. ففعلتُك أعظم من جماعةٍ اجتمعوا على لغوٍ ومعاقرةِ الخمر! ولا أنكر أن الجماعة في فعلتك تزيد من رُقي الأمة وازدهارها في كل جوانب الحياة.
فلا نستحقر اليد الواحدة إن كانت تعمل خيرًا ، بل وُجب علينا تعظيمها من جماعةٍ لا تعرف عن الخير شيئًا.
للتوثيق: كتبته لمقرر اللغة العربية في فصل الربيع 2016.
إنَّ من يدَّعي أنَّ فاقد الشيء لا يُمكن أن يُعطيه قد أخطأ فيما ادَّعى، وقد أذنب ذنبًا انسانيًا فيما اعتقد ودعى إليه. فالماثل أمامنا في هذه الحياة يُدلل المعنى المُغاير لهذه المسلمة في مجالاتٍ شتى في حياتنا، والمثالُ خير برهانٍ على ذلك. لا يخفى علينا أنَّ الكثير ممن حُرموا أصدق العواطف وأنقاها كانوا قادرين على وهبها من يحتاجها بسخاء، فاليتيم الذي ترعرع مُفتقرًا إلى حُبِّ ودفءِ والديه كان أكثر الآباء حنونًا وعَطوفًا على أطفاله. والمرأة التي أُحيلَ عنها نصيبها من التعليم كانت أكثر النِّساء حثًا على طلبه وتدارسه والوفاء بحقه. ومما لا ريب فيه على خطأ هذا الفكر المدسوس في ذواتنا أنَّ المحرومين من الحريةِ والأمان، والقاطنين في بلاد الحرب والزناد كإخواننا الفلسطينيين هم أكثر النَّاس دُعاة للسلام، والعمل على وُثُوبِهِ في البلاد! فما أسوأهُ من فكر! وما أقبحها من حُجةٍ يحتجُّ بها المُقَتِّرون! ولكي لا أبخسُ حقه، فأكتب عند الله من الظالمين أرى أن تطبيقها في عالم المادةِ يُصدِقُ المعنى، ويُبرهنُ المغزى. ففاقدِ المال الذي لا يملك ما تهبهُ يداه لا يمكن أن يعطيك، والسائل عن قوتِ يومه لا يُمكن أن يُطعمك. فخلاصة الأمر نجد أنَّ فاقد الشيء قد يُعطي ما فقده وهذا ما غلب في جانب الحاجات الرُّوحية، وقد يعجز أن يُعطي مافقده لاسيما إن كان شيئًا ماديًا كالمال مثلًا.
إنَّي أجد قائل: ( اليد الواحدة لا تُصفق) يائسٌ قد اغترب عن شُطآن الأمل والتفاؤل . فلا أجدُ لها صلةً بالعامل المتفائل الذي يذلل صعابه وصولاً إلى لذةِ الإنجاز! اليدُ الواحدةُ إن لم تكن تصفق فهي تحرك الهواء، وبهذا وذاك يصدر الصوت وإن كان في الثانية أَخفُّ من الأولى. عيبٌ أراه أن يعتقدُ الإنسان بها، فَتُأَنِّسهُ وتُشفي غليل كسله، فحجتهُ صحيحةٌ على حدِ علمه، قبيحة كحدِ جهله. اليدُ الواحدة إن لم تستطع حمل المكتبةِ بأسرها استطاعت أن تحمل كتابًا فآخر حتى قضيت حاجتها. نستهينُ بذواتنا مُنفردين، ونُعظمها مُجتمعين ! أي سرابٍ هذا الذي بُتنا نؤمن به ؟! أو ما علمنا أنَّ الله جعل للأمور موازين؟! فجعل للفردِ مقدار لا يقل لما للجماعة! فلا يخفى على كل أريب أنَّ اليد الواحدة خيرٌ من لا شيء، هي نفعٌ وحجةٌ وبرهانٌ لبدء العمل. فالأرض القاحلة خيرٌ لها يد واحدة تزرع من لا يد تُبقيها تُكابد الحياة! بإمكانك أن تمسك كتابًا فتقرأ فتنفع نفسك وتزهر بك أمتك. ففعلتُك أعظم من جماعةٍ اجتمعوا على لغوٍ ومعاقرةِ الخمر! ولا أنكر أن الجماعة في فعلتك تزيد من رُقي الأمة وازدهارها في كل جوانب الحياة.
فلا نستحقر اليد الواحدة إن كانت تعمل خيرًا ، بل وُجب علينا تعظيمها من جماعةٍ لا تعرف عن الخير شيئًا.
للتوثيق: كتبته لمقرر اللغة العربية في فصل الربيع 2016.
تعليقات
إرسال تعليق