غمامةُ حبٍّ ٢

 مرّ شهرين.

كنتُ في كلِّ يومٍ أعيَ معنىً للحياةِ التي تربطني بكَ، وأفقهُ أمرًا بدأَ يأتلفُ مع منظومةِ الحياةِ التي أريدها.

كيفَ رأيتُك؟

رأيتُكَ بالحلّةِ التي تُشبعُ قلبي، بالحلّةِ التي أرى بها جمال القدرِ ولذته التي تبددُ منّي كل خوفٍ. وجدتُكَ حانيًا على قلبي، راويًا لنبضي، ساقيًا لحاجتي الذيَ ما كانت لِتُروى إلا بكَ وبِقربك. أيقنتُ أنّ الله لم يخلقنا كاملين، مُشبعين، بل خلقنا أنصاصًا لا نكتملُ إلا بهذا الرباطِ العظيم، وحاجاتنا كذلك لا تُروى إلا به. أراكَ بين العالمين سندًا أتكأُ عليه في كلّ مواقفِ الحياةِ، تشاركنيَ الموقفَ كما أحتاجُ وأرضى، تضمّني روحكَ في لحظاتِ الفرحِ فتزيدني فرحًا وسرورًا، وتحضني بلطفك في حزني مواسيًا ومقويًا، تشدّ من همتي لأنجزَ وأبهرَ العالم بما صنعت، وتأخذ بتلابيب روحي في لحظةِ الضعفِ إلى ميناء القوةِ فأقوى بكَ. أنتَ الزّوج في العهدِ الذي عاهدت اللهُ به، لكنّك الأبُ الذي يرعى طفلتهُ بالحبِّ ويقيها شرّ الظروفِ والمواقفِ بكلّ ما أوتي من قوةٍ وقدرةٍ، والأخُ الحنونُ الذي يحنو عليّ مهما اختلفنا وشققنا طُرقًا لا يلتقيانِ أبدًا، والصديقُ الذي يشاركني معاركي في الحياة، واهتماماتي التي لا تشبهه،  وحديثي المزعجَ دون مللٍ أو تعبٍ، و يسمعُ شكواي بحبٍ، ويأخذُ بيدي للحقّ إذا ضللتُ الطريقَ يومًا. أراكَ معينًا في طريقي القرءاني، مؤازرًا، شادًا بيدي حتى الوصولَ إلى المبتغى. وتعينيني في حبِّ الله، وفي برِّ والديّ كما أحبهُ لقلبي وأرضى. أراك داعيًا بأن أكون بخيرٍ، بقوةٍ، بعافيةٍ، بحبٍّ يجعلني سعيدةً، وراضيةً تمام الرضى. 

كيف أراني؟

أراني سندك، والمتكأَ الذي تتكأُ عليهِ في مواقفِ الحياةِ، أضمكَ إليّ إذا ما عدُت متعبًا أو مرهقًا، أمتصُ بضمّي إليكَ تعبكَ لتكون بخيرٍ وقوةٍ وعافيةٍ. أشاركك المواقفَ والظروفَ كما تحبّ وترضى، وأسكبُ على قلبكِ الحبّ حتى تقوى أمام كل شيء؛ لإنّ الحبّ قوة. أشاركك فرحَ إنجازك بحبٍّ، وأفرحُ لفرحِ رُقيّكَ كما لم أفرح من قبل. أكونُ لك المأوى الذي تلقى فيه أمانكَ، ورضا قلبكَ واطمئنانك. أشدُّ من همتك الذي لا تهدأ إلا بإنجازٍ كاملٍ، ونحتفلُ في كلِّ تمامٍ كما يُسعدُ قلبك ويرضى. أنا الزوجةُ في الميثاقِ الغليظِ، لكنني الأمُّ التي تأوي إلى حضنها فترتوي سكنًا وأمانًا، وتطبطبُ على قلبكَ بمكانك العظيمِ في البيتِ الذي أقمتَ بنائه،  وأنّك الأحبّ لأهلِ بيتكَ والأفضل. والأختُ الحنونةُ التي ترى العظمةَ في كيانك، والرجاحةَ في عقلك وقرارتك، فلا تأخذ بمشورةٍ إلا أنت سيدها، ولا تقبلُ برأيٍ حتى أنتَ توافقه. والصديقةُ الحميمةُ التي تأنسُ بوجودها، وتسرُّك إذا نظرت إليها،  وتحفظ لك سرّك، وتحفظكُ في نفسها ومالك وأهلك، وتدثرك إذا قلتَ 'دثريني'، وتؤمنُ بكَ حتى وإن لم يؤمن بك أحد، وتشاركك شغفكُ ورجاواتك في الحياة، وتُعينك على حبِّ الله ورضاه، وبرَّك بوالديك؛ فتكون أنتَ الأحب والأقرب. أراني أدعو لك، وأكثرُ دعائي أن تكون بخيرٍ، بقوةٍ، بعافيةٍ، بحبٍّ يجعلك سعيدًا، وراضيًا تمام الرضى. 


أعلمُ أنّ الحياةَ التي أتخيلها تُعدّ في واقعِ الحياةِ أنها من ضروبِ المثاليةِ، ولكننا في ظلِ الرابطةِ التي نُريدُ تأسيسها على التفاهم والحبِّ والسلام لن تكون خاليةً منها، وأننا وُلدنا نسعى، أفيضيّعُ اللهُ سعينا لنحصلَ عليها؟ 

 ليلة ١٠/ ٣/ ٢٠٢٠ م 



تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البدار البدار معلمتي~

غمامةُ حبٍّ ١