وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ' (2)





كنتُ أمشي في ممراتِ الجامعةِ حينما احتدمَ النبضُ في صدري، وأوجستُ من أسرِ الأحداثِ المتراكمةِ في غبارِ قلبي ضجيجًا بائسًا يُقيّدُ سعادتي بحدودٍ لا طاقة لي في حملها.
يُنزلُ الله على قلبي وأنا في غِمارِ أسري قوله 'أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ'.
أتحسسُ الآيةَ في قلبي، وأضعُ اللقطاتِ التي شعرتُ فيها بضعفِ نبضي أمام عيني، أتفحصُ من حدوثها ما فتنَ قلبي لأصبحَ أسيرةَ شعورٍ يقض النوم عن جفني.
كيفَ يمكنُ لحقيقةِ الحياةِ التي أرى فيها صلاح قدري أن تذوب في شبهاتِ أهوائي التي نمت بعد محاولاتِهم المُفتِنة؟ كيفَ للنّورِ الذي خضّبتُ به روحي فازددتُ به جمالاً وبهاءً في عينيّ جدي _رحمهُ الله_ أن يفنى ولا يبقى له أثرًا. أتغيرنا الحياةُ بعد أن نرى  من أنفسنا ثباتًا مُتزعزعًا؟ أتجرنا رياحها العقيمة بعد كلِّ افتتان؟!
ما زلتُ صريعةَ شعوري البائس الذي داهمني في لحظةِ ترفٍ وأنا أبحثُ في أقوالِ العلماء عن ما يُرخِّصُ لي هوى نفسي وفتنتها في ولادةِ الدربِ التي أردتهُ مُباركًا!
عجبتُ من نفسي وأنا أترددُ على كِتابِ الفتاوى أستعلمُ منها ما يشفعُ لهواي أن يكون، وما يشفعُ لسعادةِ أحبابي أن تنمو بعد ذودي لها ألا تكون!!
مضيتُ في الطريقِ بين قاعةِ الدرسِ والسكنِ وأنا أشعرُ بالوحدةِ في مسيري رغم امتلاء الطريقِ بالمارين ذهابًا وإيابًا.   استشعرتُ وأنا في خضّم شعوري المولودِ في قلبي صعوبةَ أن أكون وحيدةً رغم المتحلقين حولي، وحيدةً بروحي مليئةً بالكثيرين الذين لا يعرفون لروحي طريقَ صلةٍ. شعرتُ باندلاعِ النارُ في قرارةِ نفسي، ووجدتُ من حيرتي ما يجعلني في مصيبةٍ لا تُفلتُ من قلبي أبدًا.
أتأملُ التجهيزاتِ التي أُهدرُ أوقاتي لكونها، أُنعمُ بحدوثها لحظاتٍ مُترفةً بالجمال، تهبُّ على قلبي نسائمَ الأنسِ والحبورِ وقتًا عليلًا. تربو الرجاواتِ السعيدةَ التي أتضرعُ بها إلى الله، وأسألُه التمامَ كما يرتضيهِ قلبي ويرضى به عنّا، ويملؤُنا في دربنا  الذي نأملهُ سُكنى خيرٍ وبرٍّ وتقوى.
كنتُ أزعمُ أنّ الأمرَ قدري الذي أصنعهُ كما أريد، وأن أحبائي يجعلون ما أريد سعادةَ أُنسهم الذي أراهُ في عينيهم في كل حديثٍ ولمحةٍ، كم كان الأمرُ يبدو بسيطًا في عينيّ حتى شعرتُ أنّي من الناسِ الذين يحسبون أنهم يُتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتنون😭.
أرى فتنةَ قلبي في حديثهم، في آمالهم المترفةِ بالجمال، في الخلافاتِ التي يضعونها في طريقي ولا أملك لها رفعا!
أرى فتنة قلبي في الترفِ الذي يأملون حدوثه ويرفضون أن أقول: " لا يكون".
من قال أني قوية حتى لا يُفتنُ قلبي بما يأملونه ويزينونه في عيني رغم إنكاري لحدوثهِ أزمنةً عديدةً؟!
يعزّ عليّ أن أُديرَ ظهري عن جمالٍ يرونهُ وأرفضهُ لأن الله يأمرني بالرّفض، ألّا يؤيدوننني على ما أريد أن يرضى الله فيه عنّا!
يعزُّ عليّ أن أُلغيَ سعادتهم بنا، أو أن أتبع ما يرضونه فتبقى حسرةَ إنكارِ الله له في قلبي أبدًا.
أنا أحبّهم، وأحبُّ سعاتهم بنا، وفرحهم الذي يغمرني فرحًا وحبًا! أحبّهم ولكنّي أحبَّ اللهَ أكثر، وأخاف أن لا يكون الله معي في دربي حين أسالك ما يصنعونَ به ضجيجَ خوفي😢.
اللهم اهدنا للحقِّ واجعلنا له من السالكين.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البدار البدار معلمتي~

غمامةُ حبٍّ ٢

غمامةُ حبٍّ ١