المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2019

وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ' (2)

صورة
كنتُ أمشي في ممراتِ الجامعةِ حينما احتدمَ النبضُ في صدري، وأوجستُ من أسرِ الأحداثِ المتراكمةِ في غبارِ قلبي ضجيجًا بائسًا يُقيّدُ سعادتي بحدودٍ لا طاقة لي في حملها. يُنزلُ الله على قلبي وأنا في غِمارِ أسري قوله 'أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ'. أتحسسُ الآيةَ في قلبي، وأضعُ اللقطاتِ التي شعرتُ فيها بضعفِ نبضي أمام عيني، أتفحصُ من حدوثها ما فتنَ قلبي لأصبحَ أسيرةَ شعورٍ يقض النوم عن جفني. كيفَ يمكنُ لحقيقةِ الحياةِ التي أرى فيها صلاح قدري أن تذوب في شبهاتِ أهوائي التي نمت بعد محاولاتِهم المُفتِنة؟ كيفَ للنّورِ الذي خضّبتُ به روحي فازددتُ به جمالاً وبهاءً في عينيّ جدي _رحمهُ الله_ أن يفنى ولا يبقى له أثرًا. أتغيرنا الحياةُ بعد أن نرى  من أنفسنا ثباتًا مُتزعزعًا؟ أتجرنا رياحها العقيمة بعد كلِّ افتتان؟! ما زلتُ صريعةَ شعوري البائس الذي داهمني في لحظةِ ترفٍ وأنا أبحثُ في أقوالِ العلماء عن ما يُرخِّصُ لي هوى نفسي وفتنتها في ولادةِ الدربِ التي أردتهُ مُباركًا! عجبتُ من نفسي وأنا أترددُ على كِتابِ الفتاوى أستعلمُ منها ما يشفعُ لهواي أ...

'وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ' (1)

أُصبحُ على خيالِ جدي عبدالله _رحمهُ الله_ وهو يُطلقُ على مسامعي عباراتَه المُترفةَ كما اعتدتُ عليها في حياته. يُصدحُ على قلبي ألا تنثني في فتنِ الزائراتِ عقلكِ وامضِ يا حبيبةٌ بثبات، يُذكّرني وهو القريبُ من عينيّ الدامعتين بحضوره أنّكِ كنتِ 'غِير'، فلا يحطمنّكِ الزائرات، وتكوني في عُمُركِ القريبِ بعيدةً عن 'غير'.  مازالت اللحظاتُ الذي يزورني فيها خيالهِ تُنْعَمُ بالتّقديسِ والإجلال، ومازلتُ خلف كل كلمةٍ يرسلها فُوهُ أنعمُ بشريطٍ روحيٍّ يقودني إلى دربِ المشاعرِ الذي تضطربُ في قلبي عُمُرًا كبيرًا. أسترجعُ في نبضي وأنا أعيشُ حضورَ خيالهِ ساعاتٍ غزيرةً بالمواعظِ القلبيةِ التي ما زالَ صداها يصنعُ ضجيجًا في قلبي، أعيشُ بين تقديرهِ لمروةَ وهو يقذفُ على قلبها معاني الحبَّ والبّرَ لله في كلِّ مرحلةٍ من حياتها. لم يسعنِي حضورهُ اليوم في مخيلتي وهو يقذفُ على قلبي قبل خمسِ سنواتٍ عِظاتِ المرحلةِ التي أمرُّ بها! كأنّه عاشها قبل حضورها فهَيّأَها لروحي دون أن أعيَ لكلماتِه العابرةِ حينها قيمةً تُوسمُ بها نفسي! أدركها الآن وأنا على مشارفِ وقوعِ الأيام التي تربطني بالعالمِ الذي ك...

ابنةٌ

كنتُ في زيارتها ليلةً مضنيةً، كانت تشكو في بدايةِ عهدها الجديدِ قلقَ الواجباتِ التي سطّرت شرعيتها في قاموسِ حياتها السعيدة. كانت تشكو من ثقلِ قلقها؛فيؤرقها ويصنعَ في قلبها أُعجوبةً كدتُ من فرطِ ما يُبديهِ وجهها أبكي، وكل شعوري في قلبي يُبكي ما بها. كانت ترى البرَّ في عينيهِ عظيمًا، والحكايةُ التي نسجتها في نبضها ضاقت عليها ببرّه، وبدأت بُنيّاتِ فكرها تهربُ من حقيقةِ الواجب الذي كلّفها اللهُ بها حينما رضت أن تكونَ حليلةُ ابنٍ يربو البرَّ في قلبهِ دون هواها. اشتدّ احتدامها وهي صريعةُ شعورٍ بعد عامٍ من الولادةِ القلبيةِ التي كانت تزورها. كانت تقعدُ في الدرجِ الخلفيّ من البيت كل ليلةٍ، تنظرُ إلى السماء بعتمتها الراهبة، يُضيءُ قلبها قلقَ الشعورِ التي تكتمهُ في صدرها من سوءِ ما تتبخترُ الأفكارُ في عقلها! ألقيتُ عليها سلامي وهي تحدّقُ عليّ بعينيها الدامعتين حتى ارتجفت نبضاتها، وتسربلت دموعها المكتومةُ عُمرًا كبيرًا. كنتُ أعلمُ أن ما يختلجُ النّفس حين يثورُ الشعورُ فيها لا يمكن أن يُكتمَ أثره، وانسكابِ الآثار الظاهرةِ عليها كانت تُوحي لي بخفقٍ يريدُ احتضانًا روحيًا ينسجُ منه أمانهُ المسلوبَ...