المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2017

فضفضة عابرة

في الليلِ عتمةٌ، والهواءُ الساكنُ يفضُّ ضجيجَ قلبي. كلّما توارت رجاواتُ قلبي بالحجابِ المانعِ تفيضُ قطراتيَ المالحةُ المُكتظةُ خلفَ جفنينِ متوردين. أصارعُ انبعاثَ شتاتي، أحاولُ أن ألملم شعثي المتدثرَ على صلابةِ أرضيةِ روحي. الأمكنةُ المُشعةُ بالخيرِ تتوالدُ، والأزمنةُ المشحونةُ بكلِّ شيءٍ تُقيّدُها. كان لا بد لنطفةِ بوحي أن تنمو، وتكملَ باقي أيامها الدافئةِ في رحمِ حرفي. كانت لحظاتُ اندفاقها في بحري الحاضن أجملَ المواسم، واشتدادُ ركلاتها لتصارعَ حياتها قبل الميلادِ أعمقَ المشاعرِ شعورًا. لم أكن أعلمُ أنّني بعدَ هذا الجمالِ سأُصارعُ مَخَاضَ رؤيتها للنور! كان النورُ يشعُّ في داخلي، ويكوكبُ حولي نجومًا لامعةً. كلُّ هذا الجمالِ يجعلني أتحسسُ آياتِ الحياة؛ خوفًا من معايشةِ حلمٍ زائرٍ لا يمسُّ للحقيقةِ بصلة. يزورني الخوفُ مرةً أُخرى حينما أرى بريقَ نجومي المتحلقةِ حولي بدأ يبهت، ونوره يتبلد، وكيانهُ يضمر. لم أكنْ أتخيل أن أعيشَ وأنا أستنفرُ هذا الشعورَ البائس في قلبي، أحاولُ استفراغَ ذراتهِ المتحجرةِ بين جوانحي؛ فتزدادَ صلادةً وبؤسًا. كانت مكاتبَةُ تلكَ الليلةِ أعظمَ الأوقاتِ رضًا...

نومٌ وحياةٌ

كان لابد أن أنام، وأطوي صفحةَ يومٍ متخمٍ باللحظات التي لا تذبلُ ملامحها في مخيلتي. الحياةُ جميلةٌ حدّ الترف الذي نتقلب فيه، والجمالُ ينزله الله كالغيث الكثيف الماطر على قلوبنا حبًا وودًا. أقبلت التاسعةُ مساءً وأنا على صراعٍ أقاومُ فيه موتتي الصغرى، أعاتبُ نفسي جادة: " لن أنامَ الآن،سأنتظرُ أبي". اليومُ الذي أصلُ فيه إلى البيتِ دون استقبالِ أبي فقيرٌ جدٍا، أهنفُ كلّما تقدمتُ خطواتٍ إلى مكتبه، أردد" لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا"، لعلّ الله يختصني برحمته"وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" كان لا شيء مما سددته مخيلاتي تحقق، لم تكنْ هناكَ قوةً تطبّ قلبي حتى وصول أبي، واحتضانه العميق، وحكايتي الطويلة مع أسبوعين من الجهاد. بقيتُ أقاومُ حتى استنجدتني عظامي كلّها بنومٍ قليلٍ، وهنت خطواتي وأنا أقتربُ من سريري واسّاقطت أتعابي تختبئ أسفل السرير ممهدةً لي نومًا عميقًا يُنسي روحي تعب كلِّ خميس. أستيقظ وقد فات الأوان، لم أملك سلطةً تقيني وعثاءِ هذا الحال، كان النومُ مريحًا أزاح عنّي ما ألمّ بي من تعبٍ وإرهاق، لكنّه ...