بوحٌ من ألمٍ.
وقفتُ على أشلاءِ طفلٍ صغير تفتت لحمهُ والطير المُهاجر في السماء يعلو ويدنو من جدثه المتناثر على أرض الجريح ! الناسُ غائبون لا أحد يسمع أو يرى .. لا أحد يتنفس أو يملك حياة .. هُناك في بقعةٍ صغيرةٍ بعيدةٍ عن موضعِ قدمي أحياءٌ تتألم ، حجمها لا يُجاوز إصبعي الخنصر .. يهوي الدمع اللؤلؤي من عينيها الصغيرتين ، فيجري على الأرض الملطخة بالدماء ، يمسحُ جزءاُ يسيراً من خلايا ماء الجسوم الذي انبجس من فتاتِ جسد ذلك الطفل الصغير .. كُنا نستكنُ في أرضٍ خضراء ربيعها مزُهر ، وثمارها يانعة ، وماؤها الفضي يجري على ارتواء ليسقي تلك الشجيراتِ المثمرة .. جنة في تلك الأرض ، أرض الفداء والشهداء .. بعد أن تسمَّلت يديَّ يداه الصغيرتين المتقطعة أصابعُها انهارت من جوف عيني الدموع وتعهدتني بالانسكاب .. ما ذَنبها ؟ وكأنها آلت لضحيةٍ في يدِ مُجرمٍ كبير ، اغتصب حريته ، وصحته ، وجسده من أجل مالٍ يُنَعِّمُهُ بنعماء المتهالكين ، أولئك المتكالبين على المادة و ما جاء في جنسها .. الصغير يتنفس ، يحاول أن يمتص أكسجيناً لتعودُ له الحياة ، يجاهد من أجل أن يتصلبُ جسدهُ من جديد ، ولكن ذلك النفس حينما لم يجد أكسجيناً نقياً صف...