متنفس من أيام الامتحانات ~
ولأني أرى مُتنفسي يبدوا كئيباً علمتُ يقيناً أنه اشتاق أن يبحر مجاهداً , اشتاق أن يخوض صراعاً مع الكلمات بل الأحرف تلك التي لا يرى الحياة دونها , لكن ! , ما حيلتي دونكَ يا إلهي ؟
أنا يا رباه أختزل في قلبي شوقاً لا يعلمهُ إلا أنت ؟ يهدهدني الحديث عنه , كالرضيع الذي تُلقي عليه أمهُ الحنون هدهداتها , صراعٌ أقامهُ عقلي حينما لظى قلبي شوقاً وأراد أن يلبي النداء! فمازال هناك امتحانٌ أخير علي أن أجاهدُ من أجله , وعلي أن أبذل ثم أبذل أكثر بكثير مما بذلته من أجل الفيزياء لأحقق واحداً إن لم يكن اثنين مما أريد , والخير الكثير فيما تختارهُ لي أنت يا الله , فانا موقنة أن طيور الفرح لن تأتي إلي هكذا , وإنما بالصبر والجهاد ستحومُ علي محلقة غارسةً في قلبي بذرة فرح ..
حكاياتٌ تُريد مخرجاً لتفر هاربةً من قلبي الأسير, و لإن قلمي رفيقي القريب قررتُ أن أبوح له , قررتُ أن أجعل النصر لقلبي لعله يكبت أنينه, وأن أجعل الهزيمة من نصيب عقلي الذي يأبى أن أترك ساعة أو ربما ساعتين من أجل هذا المقال ! لإنه جاهل , لا يعلم أنه جهادٌ للجنة كالمذاكرة تماماً .. ولعلهُ لا يعلم أني أتقلبُ في فراشِ الألم كل ليلةٍ كالملدوغ مما أكتم , أعلم يقيناً أنه لا يريدني أن أرى سوى على غاية واحدة , وأن لا يكون لي سوى أملاً واحداً جُبِل بها فانحاز له سيراً , وضيع ما هو صواب ! _عسى ربي أن يبدلني خيراً منه لأقرب من هذا رشدا _
لو تعلمون ما يؤرقني يا معشر القُرَّاء , لضحكتم قليلاً , ولبكيتم كثيراً , ولوضعتم أصابعكم في آذانكم خشية أن تسمعوا مني حرفاً واحداً , من هول ما أقول !
لعلي مخطئة ! , لكنني لا أظن ذلك لإني حقاً أتألم, والوجع من جراء ذلك شديدُ.. فحينما علمتُ انسابت حرارةُ القول في قلبي فمزقته , وانهارت قوتي جميعها , أتعلمون لماذا ؟! لأني أردت أن يحدث طباق ما يحدث ! أردتُ أن أرى شيئاً جميلاً مُزهراً , لا وقائع تقطعني وتزيدني بؤساً , لعلهُ خير , ولعل ربي بذلك أراد أن يعلمني معنى آخر للجهاد , ويريني حقاً كم هو الثباتُ في زمن ساد فيه الفساد صعب إلا لأولئك الذين أنعم الله عليهم بروح الهدى والهداية ..
وأنا بين أبَويَّ أعيش رغداً من حبهما , إذا بي أنظر أولئك الذين استحلوا الحرام , وعابوا الحلال يدخلون أفواجٍ كثيرة إلى مجتمعاتٍ لا ينبغي لهم أن يدخلوها , دنسوا أراضيها , هدموا عمادها وارتحلوا و في أيديهم راية النصر ونحن رقود ! أو ربما كنا جثة لا حياة فيها , ما الأمر الغريب ؟ لعلكم تتساءلون ! أليس هذه واقعة قد حدثت قبل حقبة من الزمن إن لم يكن قرن!
نعم هي كذلك, لا أنكر ذلك أبداً !
إذاً الأمرُ طبيعي ! هكذا تعتقدون – وأقول تعتقدون قاصدة معناها فالاعتقاد من العقيدة والعقيدة ثابتة وهذا ما أردته ثبات ظنونكم-
ترونهُ طبيعي جداً ! وأراه حادثاً يجب أن تهتز الأمة من أجله !
ألا يكفي أنهم سلبوا الأقصى منا ؟ وزادوا طمعاً فنهبوا أراضيها وما جاورها ؟! وأنتم وأنا في رغدٍ نائمون ..
قضية لا أود الحديث عنها , لإني لن أوفي حقها وضيق الوقت يأسرني , لكن دعوني أخبركم بما هو أعظم !
هم سلبوا تلك الأرض المقدسة , وهاهم الآن يسلبون عقولنا لا أرضنا !
ودعوني أبوح لكم أمراً أراه حقيقةً , أتعلمون لماذا لم يسلبوا أرضنا بل سلبوا عقولنا ؟! لإنهم أرادوا أن ننقلب رأساً على عقب فسقوطنا سقوط عقولنا في الحضيض , وفي أفكارهم وخططهم الخانقة , ليس في سقوط أرضنا , وأظن- و أرى أنه ليس سوء ظن - أنهم أخذوا أرض فلسطين ليس قوةً بل ضعفاً منهم لثبات أولئك المجاهدين هناك وعدم انقيادهم لهم وهذا ما اثبتوه في نظري,,,
الحديث كثير , لكن الوقت يلسعني لذا لابد لي أن أتركه , وإن كتب لي ربي حياة عُدت لأكمله ..
تعليقات
إرسال تعليق