المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2017

وشوشةٌ وهِجَاءُ - 2

عُدتَ يا صديقي، ولم أعدْ في قلبِكَ إلى ديارِك. كان وداعُك أثقلَ الأشياءِ حِمْلًا على قلبي، يتسمّرُ بين أضلعي، ويزيدني حَزنًا زيادةً على حُزني، فأذهبهُ الله عنّي، وعوضني بدَلًا منه عافيةً أقاومُ بها جهادَ ما بقى. كان لُطفُ اللهِ يغمرني، ورحمتُهُ تنتشلني من ضيقِ الوداعِ إلى سعةِ التجافي. دبَّت رجفةٌ في قلبي وأنا أطأ مكانك في تلك الحديقةِ المُظلمةِ في غيابك، كان كلُ شيءٍ ساكنًا. توقفتْ الأشجارُ عن إطلاقِ حفيفها، وهدأتْ الأنفسُ القليلةُ القاطنةُ في غياهيبها. الكونُ الذي لم يسعنِ معك في تلك البقعةِ أصبحَ خاويًا. النجومُ التي اعتادت أن تُشِّعَ أضواءَها أفلتْ، ولم يبقَ إلا بدرٌ لم يكتملْ. كانت لحظاتُ اليومَ تختلفُ نسماتُها، أصبتُ بعدوى الحياة، انتعشت أوردتي بها، وأصبحتُ أجوبَ بحارَها بعينٍ مُحبةٍ. ذاب الجليدُ الذي أحالَ عنّي فرحَ اللقاءِ قبل عامٍ من الساعاتِ المُنتظرة، أصبحتُ لا أنتظر، وأصبح لديّ وقتٌ غفيرٌ أُمعنُ النظرَ في أعماقي. أصبتُ بالأنا المحمودة، التي انتشلتني من حرمانِ جودِك. مزّقتُ ذكرياتيِ التي سلبتني عافيةَ يومي، ورميتها في البحرِ الذي أعادكَ إلى ديارك. كان لقاءُ الأرواح...

الثانيةُ والنّصفُ صباحًا

أشعرُ أنّ هذا العالم ما زال يلفظُ أنفاسَك، وهواءَه يلتحفُ قسماتَ روحك. لم يكن خطأي حينما وضعتُك في مضغتي اليُسرى، كان كلُّ شيءٍ يتنفس سعادة وجودك، وكانت الساعاتُ المبهجة تتقافز  لتتسيّد أيامنا، والدقائقُ الحزينةُ تنسحبُ خجلًا من نافذةِ حياتنا. كنت يا حبيبي رغد الحياة، لم نجدْ لبقعتك الفارغة من يملؤها، أو يسدّ عن خوى قلبها. ما زالت أيامك تلفظُ ذكراها في مخيلتي، ما زال وقوفك رغم حالك يأسر عافيتي، ما زالت الثانية والنّصف توقظني من سباتٍ عميقٍ لأسمع دويّ أقدامِك تستعدُ للقاءِ النعيم الموسوم في قلبك! تثاقلُ أقدامي وأنا أتخيلك واقفًا تُقيم ركوعك ترعبني، الساعةُ التي تفتحُ فيها الباب يومَ الجمعةِ معلناً وصولك باتت يائسة، والقنوطُ يعشعش بين دقائقها. اليوم نتخيلُ لحظةَ دخولك فنتسابق لتمد لنا يدك نُقبِّلها ونرجع خائبين، قلوبنا تأكلها خيبةٌ مؤلمةٌ. لازلتُ أعاودُ المكان الذي تُحبه، ما زلتُ أقيمُ صلاتي فيه حتى إذا انتهيت وبدأتُ تِلاوتي تخيلتُكَ خلفي منسدحًا تسمعني، وكلّما توقفتُ انساب صدى صوتُكَ مُعاتبًا: " ليش توقفتي؟ كمّلي". اللحظاتُ التي كُنت تترقبُ فيها نسبةَ الحبيبةَ مروة ع...