المشاركات

قوة

صمتٌ يضجُ به صدري، وبحَّةٌ لوّنت صوتي.  بقيتُ وحيدًا أناضلُ وكأن الله يُعلمني الرضا بكيفيته، وزمانه ومكانه البائسين في قلبي.  بُتُّ أراني وأنا أقاوم الصخور المتناثرة من قمة الجبل قويّةً، قويّةٌ لا يُبكيني خبرٌ عابرٌ، ولا يأسرني بأسٌ ماطرٌ. بدأتُ أحاربُ الإنزلاق تارةً وراء أختها، وباتت قدماي تقدمني لحظة، وتُؤخرني لحظات حتى رأيتُ نفسي في بقعة لم أكن أظن أنها ستكون. لكنَّها كانت!  كان اللهُ معي في جهادي، كان يعلم كل خالجةٍ سكنت في نفسي، كان يعلم الحرب الهائج خلف سكوني، وخلف كل واردة مني.  هو يعلم مقدار تعلقي بقمةِ ذلك الجبل، ويعلمُ  كيف ومتى وأين المتعلقات بوصولي إليها. لذلك لم يشأ أن يكون ما أريد، أرادني أن أكون قويةً جدًا. أرادني أن أذوق لحظة الخسران ساعة ليكون نعيم الربح ساعاتٍ وأيامٍ وشهور ٍوسنوات.  يُعلمني أن لحظة بكائي قوة، ولحظة وهني حياة أيما حياة.  لا بأس أن أبكي يا رفيق، إن كان هذا البكاء يُصعِّدُني معك لقمة ذلك الجبل.  لا بأس، فقط خذني معك برفق.  ٢٧/شعبان/١٤٣٨ه.

تأخرتُ؛ ليتقدموا!

جاءت باهتة الملامح، والسواد يطغي لأسفل جفنيها بذكاء ممتزج.  تتخبط خطواتها وهي تتلحفُ رداءها الطويل. تجري؛ لتلحق بهم فيسرعون دون اكتراث.  تقف لعل قطار الحياة يُرجعهم إليها فتَتَمسك بتلابيبهم، وتروغ إلى أحضانهم تستقي الشفاء.  كانوا صحبًا لا ينفكون عن حبل وصالهم، أرواحهم مقيدة بسلاسل التقوى المتينة.  وجوههم الباسمة تشع نورًا يحضنهم وهم يتدارسون كتاب الله تحت شجرة العتق من نيران الهوى. كان السباق يشتد، وكانت منهمكةً في صيد طعامها المتهاوي لجسدها البالي، وكان دربها ضيّقًا كحفرةٍ باتت على مشارف جنازةٍ تسكنها. لم تكنْ عاقلةً قط.  المياهُ الساقطةُ عليّها كانت بأسًا يتلاحم مع أورتها، والحجارةُ الصلبةُ تتهاوى في سقوطها؛ لتعرقلَ سيرها.  كانت تظنُ أن طريقها صوابًا لا يقارب الباطل في شيء لكن ظنّها خانها وجاءها بحجةٍ دامغة تسيلُ لعابها خوفًا وجزعاً. هي لم تكن تعلم معنى أن تكون فردًا يثعب الخير كأنهارًا انبجست جراء ضربة عصا موسى.  كانتُ على مشارف الهداية، وكانوا لها بلسمًا تتشرب منهم الخير، ودواءً يطبُّ مرضها كلما زاد لهيبه. ذاتَ حقبةٍ م...
عُدتُ خاويةً، خاويةٌ من كل شيء!  أحاولُ وأنا أتخبطُ في دربي الطويل أن أستمسك بومضة الوصول، وأن أجعلها سلوى لقبي إن كانت تؤول.  مررتُ بمقبرةِ الآمال، فعصرتْ فؤادي ألمًا من احتضار سكانها.  داءٌ خبيثٌ اعتدى على بنيتها الناحلة، وبدأ ينهش فيها حتى أسقطها مُغماً عليها.   أنا لم أعد أحتمل! ما زال قلبي جاثيًا يُريدُ شفاءَها، يريد هواها، ويريدُ أن يحتضنها بحقيقة الوقوع. رجاواتٌ تلاعبُ أوردتي بعودتها، ودعواتٌ هنَّ سلواي في حزني العميق.  أحاولُ أن أسدل الستار عليّ، وأن أختبئ في جحرٍ بعيد، ألملم شعثها المتمزق في قلبي، وأن أبقى وحيدًا في عالمٍ لا يشبهني أبدًا. أو أنني لا أشبهه!  لا أعلم، المهم أننا مختلفين ولا تشابه بيننا.  العالمُ سيء، والأصدقاء منتهون.  نعم سيء إلى الحد الذي نسهو فيه عن ذواتنا. فننسى أن لها آمالاً. نذيقها الموت قبل أن تموت. 26/جمادى الأولى/1438ه.
فاضت دموعٌ والكواكبُ سائحة تُفضي بحبٍ في الحياةِ السانحة تَحكي رويدًا فائضًا من قلبهِ والنورُ نورٌ في الحياةِ الفالحة قل لي بربك إن نأيتَ بغفلةٍ الدربُ صعبٌ والتجارةُ رابحة تأتي بذنبٍ ماحقٍ  من سوئهِ كلَ العطايا والأماني الطامِحة  إنّي أتيتُكَ والدموعُ سواكبٌ تشكو إليك قُلوبَ قومٍ مالحة ترجو صلاحًا يمطرُ القلبَ هدى يُزجي سحابًا من أمورٍ صالحة ترسو بصبرٍ بائنٍ في صدقهِ والكِذبُ داءٌ للبلايا الفاضحة فارسمْ بِلطفك واديًا مُتجلجلًا يجري بِحبٍ في القلوبِ النّاصحة
حينما أمسكُ قلمي؛ لأكتب أشعرُ أني وُلِدْتَ من جديد!  وكأنني كنتُ أصارع رحم أمي؛ ليأذن لي بالخروج.. كلماتٌ غفيرة تستوطنُ أوردتي ، تُشَّربني ماء البوح !  أمضي وكأنني على علمٍ بعتبة الوصول ، تلك التي ما عرفتها منذ الوهلة الأولى التي كتب الله لي فيها حياة الجامعة ! أتخبط كثيرًا ، أشعر أنني ما زلت أشهق هواء البعثرة ، وأزفر كل همة حية كادت أن تصل لكمال البنيان ! ضيَّعتُ قبضةَ يدي وأنا أُحاولُ أن أُحكمها ، أشياءٌ جذلة لَمْ تكن في الحسبان.  كنتُ أظن أنَّ الجامعة هي الخير الجزيل!  وأن لا حياة ستهديني الجمال سواها ! لازلتُ أذكر  أبي وهو يطبُّ فؤادي تلك الليلة حينما انهالت قواي بالكسور وأنا أقول له " سأبذل وأبذل ، أريد العلوم في الجامعة لا غيرها ". بكيتُ كثيرًا  وكان الله يعلم سر بكائي . فيرسل لي هدايا عظيمة تلون مدامعي بالفرح والسرور ! كنتُ ومازلتُ أُحِبُّها، وما زلت أقول أن الحياة فيها مختلفة عن كل شيء.  ولكن ما في نفسي طباق ما كنتُ أزرعهُ ، طباق ما كنتُ أبنيه!  الخلل في نفسي " وَمَآأُبَرِّئُ نَفْسِى" أم أنَّ السبب في غرابة الحيا...

ضجة بوح!

نحنُ أمةٌ لنا أملٌ ورجاءٌ أن نُعيدَ الحياة لسابق عهدها ! نهتفُ بأعلى مكنوناتنا أن لا أحد يملك حق السيادة سوانا! عالمنا الكبير المتسع يحتاجُ إلينا لكي يسخر ما أوجدهُ الله فيه لخدمتنا! عذرًا! ربما أخطأتُ حينما قلتُ "يحتاجُ إلينا" أو ربما احتاجت مني بعض التخصيص حتى أصدق فيما أقول! العالمُ يا معشرَ البانين يحتاجُ إلى من يصدق الله في خلافته، ويخلص له عمله، ويحفظ حقه في كونه! تتبعثرُ أمامي الأحداث التي أيقظت قلبي الغافي لأكتب !  وما عشتُه في أسبوع الحذف والإضافة خلَّق في نفسي ما يحتاجهُ العالم منا لنكملَ بنائه، ونرفعَ سمائه. شيءٌ صعب عليَّ سرده، والحروف تنافرت من قبحه! احترتُ فيما أكتبُ في البداية ، وكيف اختتم النهاية بل وماذا أكتب بينهما! طلابُ الجامعة الذين نأملُ منهم خيرًا نجدهم في قوقعة الجشع واللامسؤلية!  يُحكى أنهم الصفوة!  وأنا البلاد ستقوم بهم إن شاء الله تعالى. لا أعمم الخطأ على جميعهم فأنا أوقن أن السيئة تخص مثلما الحسنة تخص واختلف مع من يؤمن بغير ذلك. ولكن ما رأيناهُ يُقلقُ البال، ويبعثر الحال، ويشتت المآل! فما ظنكم بطلابٍ شارفوا على عتبة التخرج وفعلهم كم...

ثرثرة مبعثرة

صورة
  أمسكُ قلمي ؛ لأكتب . أحيانًا غفيرة تلك التي يُصبُ فيها البؤسَ صبًا على قلبي ! أقاوم وأرتدي رداءً مرتزق بالفرح . أمضي وكأني  أحمل روحًا لم تعرف شيئًا في حياتها سوى الحبور . وكأن الذي يراني يقول : إنها تأكل وتتنفس أكوامًا من الترف والسعادة . يجهلون عني ما  أنا به عالمة ! ويحكمون على الرداء الظاهر دون الباطن . أفوضُ أمري إلى الله , إنَّ ربي بصيرٌ بالعباد . " بصيرٌ" , كلما قلتها اهتزت على أنغامها أوردتي , وجنحت لها كل حركاتي , وانتفضت من صداها سكناتي . " بصيرٌ" لو تعلمون وقعها عظيم , وأثرها في الروح جسيم . من ذا الذي يبصرني عن كل ما ظهر مني وما بطن ؟! من ذا الذي يُبصِرُ قلبي ما حوى ؟  ويعرف كل سكنٍ فيه و كل هوى ! ************  أ شتاقُ وأنا أحكمُ قبضتي في ممرات الراحلين  أرواحًا كانت لي الهناء ! كانت لي الترف الذي يغبطونني عليه . أتخبطُ وأنا في ممرات جامعتي  بكل سكون , أسأل المارين  جنبي " خذوني إلى وطني , إلى من إليهم أنتمي " أذاكرُ وأدرسُ الدروس كما علّمني أبي ,  أجتهد  رغم الأرق الذي يطغى على مقلتي لأكون من " الذين جاهدوا ...

رسالةٌ إلى معشر الثاني عشر ~

لا أعلمُ لِمَ تستوقفني الكلمات ! لِمَ تضطرب حروفي ، وتشعرني بأذيال الخيبةِ حينما أدعوها لتنثر عبيرها الزَّكي النقي إليكم! .. أنا كأنتم سئمتُ مواسم الإنتظار ، سئمتُ أجواءها المربكة ، وطيفها الذي يحملُ بين طيَّاته أحلامًا ، ورؤى دامت اثنا عشر عامًا .. قبل أسبوع تقريبًا و ربما إضافة إلى ذلك بضع أيام وصلتني رسالة تُعلنُ عن تاريخ ظهور النتائج ، كنتُ على يقين أنَّها إحدى الألاعيب التي يُمارسها الجاهلون علينا ، يسخرون من مشاعرنا التي باتوا يرونها من نافذة الذبول ، ولتعلموا أنا لستُ ممن يعيشُ في صولاتٍ تطغى بخفتها ، وقلقها ، وخوفها عليَّ ، لإني أؤمن بربٍ كريمٍ إذا أعطى أجزل بعطائه ، ولستُ أيضًا ممن يتقبلُ الأقاويل التي لا تمت للقرار الرسمي بصلة .. ولستُ ممن يصمت ويُكبل فيَّه عن الحق والصواب ، ويرضخ لما أتى به الواقع من مآل .. أحداثٌ غفيرةٌ تلك التي دعتني إلى الكتابة، دعتني إلى تسطير هذه الرسالة ، لعل الله يطبَّ بكلماتي هذه أرواحًا آلت إلى القنوط .. أتعلمون يا نفوسٌ أبيةٌ؟! ) قلتُ نفوسٌ ، وليس نفوسًا ؛ لأثبت حكم القصد إليكم ( كُنتم أقوياء أمام الصواعق الهدَّامة التي كانت تَلق...

وداعًا مدرستي

يُحكى أنَّ أرواحًا أُخرى ستُغادرُ تلك الأمكنة ؛ حيثُ منابتُ العشقِ ، وفتون الملهوف الذي بات يبكي حنينًا قبل أن يذهب .. أرواحٌ  كربيعٌ  مزهر ، حين يأتي تتفتحُ معه   الزُّهور المخملية ، وتتلون  معه السماء بألوان الحبور الزاهية .. ثقيلةٌ هي خُطى أقدامنا ، نجرها من حيث لا تأتي ، ونذهبُ بها حيث لا ترغب .. عُشنا اثنا عشر عامًا نتقاسم علقم الصبر ، ونتشارك حلاوة الفرح .. رأينا ونحن في هذا الدرب الجميل المُتزين بالجمال الفردوسي أرواحًا كانت لنا الجمال!  وكانت لنا كبحيرةٍ واسعة نغوص فيها لنشعر بروح الأمان ، وروح الود والسلام ..  مراتٌ كثيرة تلك التي تتعالى فيها أصواتنا الذي أظهر روح الشغب الراسخ فينا ، وكُنتم يا نُجومنا نورًا نراكم فيزداد جمالنا جمالاً جبارا .. شقيتم معنا ، فكنتم الزاجر إذا بدى إزعاجنا لا يُطاق ، وكنتم المُؤدب لهفواتنا التي ما رغبنا تكرارها يومًا ما .. كنتم لنا الناصح والمُربي ، فطوبى لكم ما زرعتم في موسم القِطاف ، طوبى للتلك التي أسرعُ إليها لأستنشق أنفاس النعيم القرآني في الضحوات ، وتمطر عليَّ فيض الدعوات ، فألتحف تُقى قَلبها والنبضات ، وأرسم ب...

بوحٌ من ألمٍ.

وقفتُ على أشلاءِ طفلٍ صغير تفتت لحمهُ والطير المُهاجر في السماء يعلو ويدنو من جدثه المتناثر على أرض الجريح ! الناسُ غائبون لا أحد يسمع أو يرى .. لا أحد يتنفس أو يملك حياة .. هُناك في بقعةٍ صغيرةٍ بعيدةٍ عن موضعِ قدمي أحياءٌ تتألم ، حجمها لا يُجاوز إصبعي الخنصر .. يهوي الدمع اللؤلؤي من عينيها الصغيرتين ، فيجري على الأرض الملطخة بالدماء ، يمسحُ جزءاُ يسيراً من خلايا ماء الجسوم الذي انبجس من فتاتِ جسد ذلك الطفل الصغير .. كُنا نستكنُ في أرضٍ خضراء ربيعها مزُهر ، وثمارها يانعة ، وماؤها الفضي يجري على ارتواء ليسقي تلك الشجيراتِ المثمرة .. جنة في تلك الأرض ، أرض الفداء والشهداء .. بعد أن تسمَّلت يديَّ يداه الصغيرتين المتقطعة أصابعُها انهارت من جوف عيني الدموع وتعهدتني بالانسكاب .. ما ذَنبها ؟ وكأنها آلت لضحيةٍ في يدِ مُجرمٍ كبير ، اغتصب حريته ، وصحته ، وجسده من أجل مالٍ يُنَعِّمُهُ بنعماء المتهالكين ، أولئك المتكالبين على المادة و ما جاء في جنسها .. الصغير يتنفس ، يحاول أن يمتص أكسجيناً لتعودُ له الحياة ، يجاهد من أجل أن يتصلبُ جسدهُ من جديد ، ولكن ذلك النفس حينما لم يجد أكسجيناً نقياً صف...